المخطّطات الدولية في تسارع الأحداث في الشمال السوري
إنّ ما يحدث في سوريا من تقدّم أي طرف على حساب طرف آخر في السيطرة على مناطق جديدة أو الانسحاب من مناطق أخرى مرتبطٌ بقرارات الدول ” المشاركة في الأزمة السورية” كالولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران، إلى جانب إسرائيل التي باتت منخرطة بشكل مباشر بعد السابع من أكتوبر.
شهدت الأزمة السورية صفقات واتفاقات ومقايضات بين الدول الفاعلة في الأزمة السورية وفق مصالحها بغض النظر عن مصالح الشعب السوري ووحدة التراب السوري، فلكلّ دولة إقليمية أو دولية أجندتها ومشاريعها في سوريا والمنطقة. ومن أهم المقايضات هي تلك التي حدثت بين تركيا وروسيا؛ حيث تمّت المقايضة على عفرين مقابل الغوطة، والتي نتج عنها انسحاب القوات الروسية من عفرين وتسليمها لدولة الاحتلال التركي بعد مقاومة بطولية من وحدات حماية الشعب لحماية مناطقهم من مرتزقة تركيا وسياستها القائمة على تفريغ غربي الفرات من الوجود التاريخي للكرد، وبالمقابل تسليم الغوطة للنظام ونقل العناصر الإرهابية إلى الشمال السوري وتوطين عوائل هؤلاء الإرهابيين في عفرين.
تشهد الساحة الإقليمية اليوم تطوّراتٍ وأحداثاً مهمّة انعكست على المشهد السوري، وخاصة بعد قيام إسرائيل بحماية أمنها القومي وتصفية حركة حماس في غزة التي دُمِّرت بشكل كامل، وقيام إسرائيل خلال المرحلة الثانية بتصفية حزب الله في لبنان (الذراع الرئيسي لإيران في لبنان وسوريا)، أمّا المرحلة الثالثة فبدأت بإضعاف إيران في المنطقة؛ من خلال استهداف الميليشيات الإيرانية ومخازن أسلحتها وطرق إمدادها وتحت أنظار روسيا؛ وهو ما أدّى لحدوث خلافات بين الحليفَين الروسي والإيراني، حيث باتت إيران تتلقّى الضربات والخسائر الكبيرة في لبنان وسوريا من دون أي رادع روسي، والسبب الرئيسي للخلاف بين الحليفَين يتمحور حول التحكم بالقرار السياسي والعسكري في دمشق؛ فروسيا تريد الاستقلال بالقرار لخدمة مصالحها عن طريق اتفاقات مع دولة الاحتلال التركي، أمّا إيران فتحاول الحفاظ على نفوذها ومكاسبها في المنطقة من خلال منع النظام من اتّخاذ أي خطوة لا تخدمها، خاصة إن كان القرار متعلّقاً بتركيا. فتركيا وإيران تمتلكان مشروعَين استعماريَّين متناقضَين في المنطقة “صراع تاريخيّ بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية والذي ما يزال مستمرّاً حتى الآن ولكن بشكل مختلف”.
فما يحدث في الشمال السوري هل هو نتيجة مخطّطات دولية بين أطراف معيّنة، أم أنّه مجرّد كرّ وفرّ بين القوى المتصارعة (هيئة تحرير الشام وقوات النظام)؟
هنا لا بدّ من التطرّق إلى الصراع الدولي بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، ومن ثم الدور الإسرائيلي وكيفية انعكاسه على المشهد السوري.
الحرب الروسية – الأوكرانية:
تشهد الحرب الروسية – الأوكرانية منعطفاً جديداً بعد فشل تأثير العقوبات الغربية على روسيا لشلّ حركتها؛ حيث ازداد الدعم الغربي لكييف عسكرياً من قبل حلف الناتو، وهنا بدأت تركيا أيضاً بتزويد أوكرانيا بأسلحة – من بينها الطائرات المسيّرة – وقد جاء ذلك على لسان وزير خارجية روسيا حيث أعلن أنّ “بلاده مندهشة من استمرار تركيا بتزويد كييف بالأسلحة وإنّ كييف تستخدم الأسلحة التركية لقتل العسكريين والمدنيين الروس في ضوء تصريحات الحكومة التركية بأنّها مستعدّة للقيام بمهام وساطة بين موسكو وكييف”، كما قامت روسيا بعقد اتفاق شراكة استراتيجية مع كوريا الشمالية ينصّ على المساعدة المتبادَلة في حالة العدوان على أي منهما، وقد أكّد حلف الناتو وجود جنود كوريّين في شرقي أوكرانيا يقاتلون إلى جانب القوات الروسية، ويخشى الغرب من قيام بيونغ يانغ بتزويد موسكو بصواريخ وذخائر؛ وفي المقابل قامت واشنطن بتوقيع اتفاق مع كييف لتزويدها بصواريخ بالستية متوسّطة المدى لضرب العمق الروسي؛ وهو ما أجبر بوتين على تغيير العقيدة النووية الروسية وتهديد الغرب بها.
إذاً؛ الصراع الروسي – الأمريكي “الحرب الباردة” في أوجه، ولتركيا دور رئيسيّ في هذا الصراع الذي سينعكس على المشهد السوري.
الدور الإسرائيلي في المنطقة:
قبل السابع من أكتوبر اقتصر الدور الإسرائيلي في المنطقة على قصف واستهداف الميليشيات الإيرانية ومخازن الأسلحة في سوريا، وهي (إسرائيل) لاعب رئيسيّ، إلى أن جاءت ساعة الصفر “السابع من أكتوبر” لتبدأ مرحلة جديدة للسياسة الإسرائيلية في المنطقة، والتي بدأت في غزة ضدّ حركة حماس ومن ثم إلى لبنان ضدّ حزب الله واستهدافها أغلب قادة الصف الأول وعلى رأسهم “حسن نصر الله”؛ وهو ما أدّى لإضعاف حزب الله بشكل كبير وبالتالي توقيع اتفاقية بين الطرفَين لوقف إطلاق النار.
إنّ لإضعاف حزب الله أثراً كبيراً على الوجود الإيراني في سوريا؛ فقد كان لحزب الله الدور الرئيسيّ بين الميليشيات الإيرانية، وقد أدّى إضعافه و”قصقصة جناحيه” إلى إحداث فراغ في سوريا، وهذا الأمر ينطبق على إيران أيضاً؛ خاصة بعد قصفها لإسرائيل ومخاوفها من الردّ الإسرائيلي باستهداف المنشآت النووية الإيرانية والنفطية والعسكرية، ويبدو أنّ الطرفَين (الإيراني والإسرائيلي) وبوساطة عربية وأمريكية قد تفاهما على ردّ متواضع من قبل إسرائيل؛ وهو ما قد يعني وجود تفاهمات بين الطرفَين فيما يخصّ المرحلة الجديدة، فانسحاب الميليشيات الإيرانية والمؤيّدين لها من قوات النظام “الفرقة الرابعة” يمكن وضعها ضمن خانة هذه التفاهمات حول عدم انخراط ميليشياتها في ما قد يحدث في سوريا؛ فإيران كانت سابقاً الحجر الرئيسي في وقف المخطّطات التركية الرامية لاحتلال مناطق جديدة في الشمال السوري، وتل رفعت كان أكبر مثال على ذلك، ولم تكن إيران تسمح بانهيار مشروعها مقابل تمدّد المشروع العثماني؛ لكن يبدو أنّ إيران باتت تنأى بنفسها – إلى حدّ ما – عمّا يحدث في سوريا، وذلك نتيجة للدور الإسرائيلي الجديد.
السياسة الدولية والإقليمية في المنطقة وتأثيرها على الأزمة السورية:
لعبت السياسة الروسية، بل الاستراتيجية الروسية، دوراً بارزاً في الأحداث الجارية في سوريا، ويمكن القول أنّها قد فشلت في احتواء الأزمة السورية من خلال تعاونها مع دولة الاحتلال التركي؛ فسياسة المقايضة مع تركيا ونقل الإرهابيين بالباصات الخضراء إلى الشمال السوري قد انعكست عليها، حيث بات الشمال السوري مرتعاً وبؤرة للتنظيمات الإرهابية، كل ذلك من أجل جرّ تركيا إلى فلكها، ولربّما تكون روسيا قد نجحت في بعض المراحل بعد صفقة S400 مع تركيا، والخلافات التركية – الأمريكية حول ملف الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية والدعم العسكري، ورفض الولايات المتحدة منح الضوء الأخضر لتركيا للقيام بعملية برّية ضدّ مناطق الإدارة الذاتية. لكن في نهاية المطاف تبقى تركيا عضواً في حلف الناتو وحليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، ولن تستطيع الخروج من “الفلك الغربي” إلى “الفلك الشرقي”؛ لأنّ ذلك يعني نهاية الدولة التركية، وهي تدرك ذلك. لذا؛ استغلّت دولة الاحتلال التركي الطرفَين الروسي والأمريكي لتحقيق مكاسب لها في سوريا وفي المنطقة.
قد تكون روسيا على علم بما سيحدث في سوريا وبوجود مخطّطات جديدة تُحاك، ولتفادي ذلك، أو حتى منع ذلك، حاولت روسيا دفع النظام للتطبيع مع تركيا ووضع النقاط على الحروف فيما يتعلّق بالتواجد العسكري التركي في الشمال السوري وإجراء مصالحة بين النظام وفصائل المرتزقة في الجيش السوري الوطني؛ فروسيا كانت تهدف لاحتواء تلك الفصائل والبدء بعملية تحرير إدلب من هيئة تحرير الشام، إلّا أنّ إصرار الأسد على انسحاب قوات الاحتلال التركي قد أفشل المخطّطات الروسية في محاولات تسريع عملية التطبيع.
يبدو أنّ الأسد قد استجاب للضغوط الروسية؛ فزيارة الأسد الأخيرة إلى موسكو كانت لوضع النقاط على الحروف في ملف التطبيع مع دولة الاحتلال التركي والدور الإيراني في سوريا، حيث أنّ موسكو كانت تستعجل لحدوث تقارب بين الطرفَين لوقف المخطّطات المرتبطة بملفّ التطبيع، والتي تحاك في الشمال السوري، وكذلك لخشية موسكو من ديناميكية الصراع الإقليمي بين إيران وحزب الله مع إسرائيل وانتقاله إلى سوريا، وما يؤكّد على وجود تلك المخطّطات هو أنّ الأحداث التي حدثت في حلب قد جرت في حين كان الأسد في موسكو، كما أنّ محاولات تركيا لفتح معبر أبو الزندين مع النظام قد دفعت بعض الأطراف الدولية والإقليمية لتحريك بعض الفصائل المعارضة لمسألة التطبيع مع النظام في الشمال السوري المحتلّ، كالجبهة الشامية ولواء صقور الشمال، وذلك للخروج باحتجاجات، ولم تكن تلك الاحتجاجات صادرة فقط عن بعض الفصائل المسلّحة، بل خرجت تظاهرات شعبية أيضاً في مناطق نفوذ الاحتلال التركي تعترض على دعوات أردوغان للتطبيع مع دمشق؛ وهو ما أدّى لوقف فتح المعبر بين النظام وتركيا، وكان فتح المعبر بمثابة نقطة البداية للتطبيع بين الطرفَين، ويبدو أنّ التطبيع لا يخدم بعض الأطراف الدولية والإقليمية فعملت على إفشاله.
ومن جهة ثانية؛ فإنّ السياسة الروسية تجاه حليفتها إيران قد أدّت إلى حدوث خلافات كبيرة، نتيجة استهداف إسرائيل لقادة إيران ومستشاريها في سوريا، واستهدافها لمواقع الميليشيات الإيرانية ومخازن الأسلحة دون أي دور روسي يمنع وقوع خسائر للإيرانيين؛ فقد اتّهمت إيران موسكو بالتغطية على الطلعات الجوية الإسرائيلية وعدم قيامها بإبلاغ إيران بتلك الطلعات لتفادي وقوع خسائر كبيرة، خاصة تلك التي كانت تستهدف المواقع الإيرانية في منطقة الساحل والقريبة من قاعدة حميميم الجوية، وهو ما أدّى إلى انعدام الثقة الإيرانية بحليفتها روسيا.
وبالنظر إلى الواقع العسكري في سوريا؛ فإنّ روسيا لديها القوة الجوية القادرة على ضرب مواقع الإرهاب وطرق إمداده، إلّا أنّها ضعيفة على البرّ ولا تملك القوات البرية القادرة على بسط نفوذها على الأرض، حيث كانت الميليشيات الإيرانية تقوم بهذا الدور؛ فغياب الدور الإيراني على الأرض قد سمح للمجاميع الإرهابية للتقدّم بسرعة باتجاه حلب واحتلالها واحتلال كامل محافظة إدلب.
إذًا؛ السياسة الروسية وتفضيلها لتركيا على حليفتها إيران كانت من أبرز العوامل التي أدّت إلى خروج الوضع العسكري من يدها، ولن تستطيع روسيا استرجاع المناطق المحتلّة من المجاميع الإرهابية ما لم تأخذ الدور الإيراني بعين الاعتبار؛ فرغبة روسيا بالتفرّد بالقرار السياسي في دمشق قد أوصل الشمال السوري إلى ما هو عليه اليوم، كما أنّ إهمال الحوار بين دمشق والإدارة الذاتية على حساب التطبيع بين تركيا والنظام أيضاً من العوامل التي سمحت للمجاميع الإرهابية باحتلال حلب وكامل إدلب، إلّا أنّ هذه الورقة ما تزال بيد روسيا لكسب طرف قادر على تغيير موازين القوى على الأرض، وتحرير كامل الشمال السوري المحتل من المجاميع الإرهابية، ووقف المخطّطات الدولية والإقليمية في سوريا.
لذا؛ يبدو أنّ قصقصة أجنحة حزب الله، والاتفاق الإسرائيلي معه لوقف إطلاق النار، والتفاهمات الإسرائيلية – الإيرانية بعد قصفها لإسرائيل من أجل احتواء التصعيد بين الطرفَين، ورغبة روسيا بدفع النظام للتطبيع مع دولة الاحتلال التركي من دون موافقة إيران، كل ذلك قد أثّر على الدور الإيراني في سوريا.
أمّا تركيا فبعد فشلها في الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي للقيام بعملية برّية واسعة، ورفض الإدارة الأمريكية التخلّي عن شريكتها في سوريا “قوات سوريا الديمقراطية”، فقد حاولت (تركيا ) التطبيع مع الأسد وبدأ أردوغان بالتودّد للنظام من أجل التطبيع، وإجراء مصالحة بين مرتزقتها من الجيش الوطني والنظام، شريطة محاربة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية ومشروعها الديمقراطي وبتأييد روسي، إلّا أنّ الأحداث قد جرت بوتيرة متسارعة سبقت إعلان النظام الموافقة للتطبيع مع تركيا “زيارة الأسد الأخيرة إلى موسكو لوضع اللمسات الأخيرة في مسألة التطبيع”. يبدو أنّ بعض الأطراف الدولية والإقليمية قد أجرت مناورة مع تركيا من خلال منحها الضوء الأخضر لدخول حلب من جهة لإرضاء تركيا بتحقيق حلمها في احتلال حلب “الميثاق الملي”، ومن جهة أخرى قضية ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، والتي أصبحت قضية حسّاسة وتريد تركيا حلّها من خلال إعادتهم إلى المناطق المحتلّة في الشمال السوري؛ فتهجير الكرد من تل رفعت وشيخ مقصود والأشرفية في حلب يأتي لتوطين هؤلاء اللاجئين في مناطقهم على غرار ما حدث في عفرين. وإلّا فإنّ الكرد سيتعرّضون لإبادة على يد مرتزقة الأتراك. لذا؛ يمكن القول أنّ الظروف الإقليمية والدولية قد خدمت دولة الاحتلال التركي في الآونة الأخيرة.
يمكن هنا إبراز أهم نقاط الضعف في السياسة الروسية، ودور الأطراف الدولية والإقليمية في المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص:
- الخلافات الروسية – الإيرانية حول القرار السياسي في دمشق ومحاولة روسيا التفرّد بالقرار.
- توجّه روسيا نحو تركيا والتفاهمات والاتفاقات والمقايضات لكسبها قد أثّرت على الجغرافية العسكرية السورية وعلى الأزمة السورية.
- محاولة روسيا دفع النظام للتطبيع مع تركيا، والذي لا يخدم إسرائيل وبعض الأطراف الدولية، هو ما دفع إلى تسريع الأحداث في سوريا؛ حيث جرت تلك الأحداث وبشار الأسد في موسكو لوضع اللمسات الأخيرة للتطبيع مع تركيا.
- التفاهمات الإسرائيلية – الإيرانية في الآونة الأخيرة كانت بوساطة قطرية، فزيارة الرئيس الإيراني إلى الدوحة عقب الردّ الإيراني على إسرائيل جاء من أجل احتواء الردّ الإسرائيلي، والذي أثّر على الدور الإيراني على الأرض في سوريا.
- الحرب الإسرائيلية على حزب الله، وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفَين وإضعاف حزب الله، قد أثّرت على الأزمة السورية وما يحدث الآن في سوريا.
كيف ستؤثّر التفاهمات الدولية على الأزمة السورية في المستقبل؟
تُعتبَر دولة الاحتلال التركي المحور الرئيسي لما يحدث في سوريا وفي تفاقم الأزمة السورية، فتركيا هي الراعية الأولى للإرهاب من خلال دعمها للفصائل الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم داعش، ولديها مشروع استعماري في سوريا والمنطقة؛ كونها تتمتّع بموقع استراتيجي ومهمّ لحلف الناتو، وكونها عضو مهمّ في الحلف وحليفة الولايات الويات المتحدة، وكذلك لها دو مهم في التأثير على موازين القوى في الحرب الروسية – الأوكرانية، لذا؛ فقد لعبت تركيا دوراً كبيراً في استغلال الطرفَين المتصارعَين على الأراضي الأوكرانية “روسيا وحلف الناتو” للحصول على مكاسب في المنطقة، ومن بينها الشمال السوري، بالفعل؛ فقد حقّقت مكاسب من الطرفَين باحتلالها منطقة عفرين ومنطقتَي كري سبي وسري كانيه، إلى جانب الشمال السوري (مناطق مرتزقتها من الائتلاف السوري المعارض)، فالتغيّرات الديناميكية في المنطقة (الحرب الإيرانية “حزب الله” – الإسرائيلية) ومحاولات روسيا التطبيع بين النظام وتركيا قد دخلت في خدمة الأجندة التركية واحتلّت مدينة حلب بالكامل.
إنّ المطامع التركية لا تتوقّف عند حلب، بل تتجاوزها إلى كامل الحدود السورية – التركية باتجاه باشور كردستان (إقليم كردستان)، لذا؛ فإنّ ذلك سيضع الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى الغربية في مأزق كبير، وبالتالي؛ قد تنعكس على تركيا وتواجدها في سوريا من خلال:
- ازدياد الدور التركي في أوكرانيا ضدّ روسيا، وهي من المطالب الرئيسية للغرب تجاه تركيا في زيادة دورها في أوكرانيا ودعم كييف بالأسلحة؛ وهو ما قد يدفع بروسيا وإيران لشنّ عملية كبيرة لتحرير الشمال السوري.
- مطالبة دولة الاحتلال التركي بحصّة أكبر في الشمال السوري؛ والتي لا تتوقّف عند حلب، بل قد تطالب بشمال وشرق سوريا لاستكمال مشروعها العثماني (الميثاق الملّي)، وذلك عندما تهدّد بشنّ عملية برّية ضدّ مناطق الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، وهي مناطق تتواجد فيها القوات الأمريكية وشريكة قوات سوريا الديمقراطية في مكافحة الإرهاب ومنع عودة تنظيم داعش.
باختصار: على المدى القصير سوف تتوضّح صورة التفاهمات الدولية أكثر؛ كون الأحداث تتحرّك بوتيرة متسارعة في الشمال السوري.