سوريا الجديدة… ما بين الواقع والطموح

شهدت سوريا تحوّلات كبيرة منذ اندلاع الثورة في 2011 حين طالب الشعب السوري بالحرية والكرامة، أمّا التحوّل الأكبر فقد حدث بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وفي اليوم التالي بدأت معركة جديدة في سوريا؛ حيث شنّت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) مع بعض فصائل المعارضة السورية هجوماً ضدّ شرق إدلب، ثمّ الوصول إلى حلب ثم دمشق بعد عشرة أيام، وكان ذلك مفاجئاً وبعيداً عن توقّعات جميع المراقبين، وربّما حتى المخطّطين للعملية، فهل كان سقوط مدينة حلب التاريخية تمهيداً لسقوط النظام في دمشق؟
انهزم الاستبداد وانتصرت ثورة الحرية
منذ بداية الحراك الشعبي في آذار/ 2011م، عندما كان سِلمياً وينادي بالحرية والديمقراطية، قابله النظام بالعنف والبراميل المتفجّرة بدلًا من الحلّ السلمي، هذا النظام الذي استمرّ في نهجه الاستبدادي قد جلب الويلات على الشعب السوري من خلال القمع الوحشي؛ فتحوّلت سوريا إلى مركز لصراع القوى الإقليمية والدولية، وكل طرف سعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة، أمّا في روج آفايي كردستان فقد تم اتّخاذ النهج الثالث – بين النظام والمعارضة – حيث استطاع الشعب الكردي، وبالتعاون مع مكوّنات أخرى من الشعب السوري، تأسيس الإدارة الذاتية بمشاركة كلّ المكوّنات، كما تمّ إعلان عقد اجتماعي متّفَق عليه، ورغم التحدّيات والتهديدات التي تعرّضت لها من قبل قوى عديدة، ولا سيّما الدولة التركية التي دفعت بـ “داعش” وفصائلها المسلّحة لمحاولة تقويضها والتعدّي على شعاع الديمقراطية المنبعثة منها خوفاً من انتشار بريقها إلى الجوار، إلّا أنّ قوات “قسد” والتحالف الدولي قد لعبت دوراً كبيراً في مكافحة “داعش” وتخليص البشرية من همجيتها، وقدّمت في ذلك التضحيات الجِسام.
لماذا وكيف سقط النظام؟
يبدو أنّ السقوط قد حدث بسبب إطالة الازمة السورية وعدم إيجاد سبل للتوافق بين النظام والمعارضة في جنيف أو أستانا، وبسبب عدم قبول النظام بمشروع الإدارة الذاتية في التغيير الديمقراطي والتحوّل إلى دولة لا مركزية، وكذلك لم يوافق الرئيس السوري على اللقاء مع الرئيس التركي والقبول بإشراك المعارضة المرتبطة بها في الحكم، كما أنّ أمريكا رأت أنّ حكومة دمشق لا تسير حسب القرار الأممي /2254/ أيضاً، وبقي ما يشبه الركود على الساحات منذ أربع سنوات، ما عدا قصف الروس والنظام على مناطق خفض التصعيد، والأتراك على مناطق الإدارة الذاتية، ونتيجة تداعيات الحرب في غزة ولبنان على الساحة السورية، والعمل من قبل إسرائيل وأمريكا على إخراج إيران من سوريا فقد تم قصف مواقعها ومستودعات الأسلحة وقياداتها منذ حرب أكتوبر في غزة عام/2023/.
لقد برّر النظام هذا السقوط السريع لحلب بأنّه قد حدث بسبب عنصر المفاجأة وتراجع الدعم الجوّي الروسي والبرّي الإيراني، والنظام لم يستطع الصمود والتصدّي بجيشه المتهالك والضعيف منذ بداية الأزمة، فانسحب إلى خارج حلب على أن يعود لتحريرها (كما ادّعى)، كما أنّ قرار النظام بزيادة رواتب العسكريين – قبل يومين من السقوط – لم يجدِ نفعاً لتحفيزهم على متابعة القتال. وبناءً على طلب النظام السوري تم عقد جلسة لمجلس الأمن دون الوصول لقرار بعد سجال عنيف بين مندوبَي الولايات المتحدة وروسيا والحكومة السورية، وهكذا كان حتى سقوط دمشق بيد المعارضة المسلّحة وهروب بشار الأسد ليلة السبت 7/12/2024 لاجئاً إلى روسيا.
الأيام الأخيرة والسقوط السريع للنظام السوري
إنّ إسقاط نظام بشار الأسد كان نتيجة لمقاومة الشعب السوري التي استمرّت لسنوات طوال، ورغم التحدّيات التي واجهها السوريون من قتل واعتقال وتهجير وتدمير للمدن والمنازل إلّا أنّ الأمل في الحرية والانعتاق من النظام الدكتاتوري كان حافزاً قوياً، والرئيس السابق بشار الأسد لم يستطع أن ينفّذ شروط الجامعة العربية؛ في التخلّص من السيطرة الإيرانية، وإيقاف إرسال حبوب “الكبتاغون” المخدّرة إلى دول الجوار والخليج، ولا السير بخطوات في البدء بتنفيذ قرار الأمم المتحدة /2254/ ،ولم يستطع الرباعي المجتمِع في الدوحة إقناعه بتسليم السلطة سلمياً واللجوء إلى دولة أخرى، حيث كان الأوان قد فات، ولم تستطع قوات الحشد الشعبي العراقي التدخّل وإنقاذ الموقف، كما لم تسفر جهود التحرّك الإيراني السريع نحو أنقرة وموسكو للوصول إلى تفاهمات لبقاء إيران في سوريا، يبدو أنّه كان هناك تنسيق (روسي – تركي – أمريكي) وإسرائيلي من الخلف، وتم التخطيط لإسقاط الأسد، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” أنّ الأسد يلعب بالنار، وذلك لتتخلّص سوريا من الهيمنة الإيرانية، خاصة أنّ هجوم (هتش) قد أتى بعد إيقاف إطلاق النار في لبنان مباشرة.
الموقف الروسي والإيراني
ترى كلّ من روسيا وإيران أنّ تركيا قد نكثت اتفاقات أستانا وسوتشي منذ 2017- 2020 وكذلك الحفاظ على مواقع خفض التصعيد، وأنّه قد حدثت خروقات لمسار أستانا، وهناك خلافات بينهما، وخاصة حول التطوّرات الجديدة، فروسيا مازالت منغمسة ومشغولة بحربها في أوكرانيا، وممتعضة من تركيا بأنّها لم تخبرها بالعملية وأنّها قد خُدِعت، لتضع اللوم على قائد قواتها في سوريا لعدم الردّ السريع فقامت بإقالة سيرغي كيسيل – الجنرال المسؤول عن القوات الروسية في سوريا. أمّا إيران فتلقّت صدمة من مقتل كبير مستشاريها في بداية المعارك، ممّا أدّى للانسحاب والتراجع، لتبقى القاعدتَان العسكريتَان لروسيا في سوريا محلّ تفاوض مع الحكومة السورية الجديدة.
الموقف الروسي من مساندة تركيا لـ(هتش) وإسقاط النظام السوري قد لخّصه الخبير الاستراتيجي الروسي (الكسندر دوغين) في مقالة له نشرتها “شبكة روسيا الاتحادية” حول الإطاحة بحكومة بشار الأسد في سوريا فقال: ” كانت سوريا فخّاً لأردوغان، لقد ارتكب خطأً استراتيجياً.. لقد خان روسيا وخان إيران… لقد دعمناكم حتى الآن، بعد هذا سوف تتوبون…سنفعل ما لم نفعله من قبل، ستندمون على ذلك ولكن سيكون الأوان قد فات”. وسار مستشار مرشد الثورة الإيراني بنفس المنحى حيث قال: “لم نتوقّع أن تقع تركيا في الفخ بالرغم من التحذير الإيراني”، وعن سبب سقوط سوريا قال: “جنود بشار لم يكن لديهم دوافع للقتال”. واليوم الدولتان تخاطبان الحكومة السورية الجديدة خطاباً مرناً.
الدور التركي
يبدو أنّ مخطّطي العملية (أمريكا وإسرائيل) قد أرضوا روسيا وتركيا، ويُحتمَل أنّهم وعدوا بحلّ الوضع في أوكرانيا لصالح الروس، وترك العنان لتركيا في الشمال السوري للضغط والسيطرة على الإدارة الذاتية في غرب الفرات، وهكذا تهدف تركيا من دعم – ولو بشكل غير مباشر- هيئة تحرير الشام (هتش) لتسيير سياساتها في تهجير الكرد من شمال وغرب سوريا وحصارهم في شرق الفرات؛ وبالتالي إيصال مؤيّديها في الائتلاف إلى السلطة الجديدة في دمشق.
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال رفع العلم التركي على قلعة حلب، وظهور هاشتاغ: ( #حلب-/82 /) في الإعلام التركي؛ أي أنّه – وحسب الميثاق الملّي – فقد أعيدت حلب إلى تركيا، وفي هذا السياق قال “دولت بخجلي” زعيم حزب الحركة القومية التركي: “حلب مسلمة حتى النخاع، التاريخ والجغرافيا وأجدادنا يقولون ذلك” ليقابله تصفيق شديد من البرلمان التركي.
تركيا تستغلّ انشغال الرأي العام عن الوضع الجديد في سوريا، لذا فقد دفعت مرتزقتها ممّن يُسمّى (الجيش الوطني) للهجوم بعملية سمّوها (فجر الحرية) ضدّ تل رفعت ومخيّمات النازحين من عفرين في الشهباء، فتمّ في 08/12/2024 الهجوم الواسع على منبج بالطائرات والمدفعية الثقيلة بدعم مباشر من قواتها، وتعمل تركيا منذ البداية على تقويض جهود التعايش السلمي وتفريق الصفوف السورية، وتعمل على نشر الفتنة وتزكية الحقد والتعصّب القومي العربي ضدّ الكرد.
هل سوريا مُقبِلة على حرب عرقية طائفية ومذهبية؟
أعلنت هيئة تحرير الشام أنّ عمليتها هي (بينها وبين النظام)؛ أي بين السُّنَّة والشيعة، وربّما سيجعلون حلب سُنّية تابعة لتركيا حسب الميثاق الملي؛ لكن يستغلّ النظام التركي الوضع ويدفع بمرتزقته، للقضاء على الكرد وإدارتهم وارتكاب مجازر وجرائم في تل رفعت والشهباء، وكذلك في البلدتَين الشيعيتَين (نبُّل والزهراء)؛ ممّا أدّى لتهجير عشرات الآلاف في رحلة طويلة إلى شرق الفرات وإحداث تغيير ديمغرافي كبير في الشمال السوري، فيقومون بتطهير عرقي وتغيير ديموغرافي كبير ضدّ الكُرد في شمال حلب. وظهر موقف (هتش) مسالماً نسبياً اتجاه الطوائف غير مسلمة واتجاه الإدارة الذاتية في حيَّي (الشيخ مقصود والأشرفية) في حلب، وكانت هذه المواقف عند السيطرة على حلب وقبل سقوط نظام دمشق، ولكن لا نعلم كيف سيتعاملون مع المواطنين من غير العرب السّنة؛ فهناك أنباء عن قتل على الهوية ضدّ الكرد والعلويين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلّحة في الشهباء ومنبج والساحل. يقوم “الجيش الوطني” – الذي أطلق عملية سمّاها (فجر الحرية) – باحتلال تل رفعت والشهباء، كما يقوم بتهجير المهجّرين من عفرين إلى شرق الفرات، ومن ثم العمل على احتلال منبج وحصر الكرد في شرق الفرات، وكلّ ذلك بتغطية جوية كبيرة من قبل تركيا.
مواقف بعض القوى والدول
معظم المراقبين يرون أنّ (أمريكا وتركيا والجامعة العربية) وحتى الإدارة الذاتية تؤوّل تداعيات ما حدث بأنّ الأسد لم يتجاوب مع الإدارة الذاتية والمعارضة لإجراء تغيير في الحكم وتطبيق القرار 2254 وبقي يستقوي بدعم روسيا وإيران؛ وبالأحرى لم يستطع الابتعاد عنهما لوقوعه بين فكّي كمّاشة المطالب الإيرانية من جهة والإسرائيلية – الأمريكية من جهة أخرى.
كانت دول الخليج تتودّد إلى الأسد للتخلّي عن تحالفه مع إيران وحزب الله، وكذلك أمريكا للسير حسب المسار السياسي على أن يتقدّم حسب القرار الأممي /2254/، وموقف أمريكا لم يتغيّر، ويبدو أنّها لن تتدخّل بشكل واسع ومباشر كما أعلنت إدارتها، وأنّ دورها يقتصر حالياً على الانتظار والمراقبة عن بُعد، وسترى إلى أين تتّجه الأمور. أمّا موقف إيران النهائي فقد جاء على لسان المتحدّث باسم الحكومة حيث قال: نترك تقرير مصير سوريا للشعب السوري.
الموقف الأمريكي عبّر عنه الرئيس “بايدن” منذ البداية: “سنتابع الوضع وسنرى كيف يمكن تحويل الأقوال إلى أفعال، ويمكن حينها إخراجهم من لائحة الإرهاب”، كما صرّح “مستشار الأمن القومي الأمريكي” (جيك سيلوفان): “أنّ الولايات المتحدة تركّز على ضرورة ألّا يؤدّي القتال في سوريا إلى عودة داعش، سنتّخذ على الأرض بالعمل المباشر مع قوات سوريا الديمقراطية والكرد لضمان عدم حدوث ذلك”، وحسب موقع “الشرق” نشر في 11/12 توضيح من إدارة الرئيس “بايدن” بأنّها مُستعدّة للاعتراف ودعم حكومة جديدة في سوريا تتخلّى عن الإرهاب، وتدمّر مخزون الأسلحة الكيميائية، وتحمي حقوق الأقلّيات والنساء. فيما دافعت عن الضربات الإسرائيلية في الأراضي السورية، وذكر وزير خارجيتها “انطوني بلينكن” في بيان أنّ الولايات المتحدة ستتعاون مع مجموعات داخل سوريا وشركاء إقليميين لضمان انتقال سلس للحكم، وقال: “يجب أن تلتزم عملية الانتقال والحكومة الجديدة أيضاً بالتعهّدات الواضحة باحترام حقوق الأقلّيات بشكل كامل، ومنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب وتهديد جيرانها، على السوريين أن يقرّروا مستقبلهم بأنفسهم، وعلى الدول الأخرى دعم عملية شاملة وشفّافة”.
وكذلك يحذّر المبعوث الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون” من مزيد من الصراعات إذا لم تشترك جميع الأصناف والمكوّنات السورية في الحكم.
أمّا الموقف الاسرائيلي فقد توضّح في قرارها بأنّ اتفاق “فكّ الاشتباك” عام /1974/ مع سوريا قد انتهى، وتمدّدت في جنوب سوريا، وقام بتدمير الترسانة العسكرية السورية، ويصرّح وزير خارجيتها “نتنياهو” قائلاً: نيّتنا واضحة بمنع أي تهديد قادم من سوريا.
موقف الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا
يتلخّص موقف الإدارة الذاتية حول سقوط نظام الأسد في تصريح للسيدة “إلهام أحمد” عبر منصةX : “اليوم يشكّل نهاية للاستبداد في سوريا، اليوم نطوي صفحة الماضي ونبدأ صفحة جديدة، على أمل توحيد الشعب السوري لجهوده من أجل مستقبل ديمقراطي وأكثر عدلا”، كما دعت إلى إنهاء الصراعات وإقامة حوار يرتكز على السلام والحوار. كما قال مظلوم عبدي: “هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين”. وفي مقابلة له على تلفزيون العربية الحدث مساء الإثنين 10/12/2024/ قال: “يجب تمثيل كافة المناطق والمكوّنات في سوريا عبر الحوار، وأن تكون علاقتنا مباشرة مع دمشق، نتواصل مع (هيئة تحرير الشام) عبر أصدقائنا الأمريكيين، نحاول أن نتشارك مع القوى الجديدة بالعملية السياسية”.
لكن رغم ذلك تصرّ تركيا على تأزيم الوضع أكثر من خلال دعمها للفصائل المرتبطة بها بالهجوم مناطق الإدارة الذاتية في الشمال السوري، فتعمل على أن يكون التغيير الذي حدث في سوريا لصالحها وحسب أجنداتها.
لذا؛ على الإدارة الذاتية أن توسّع من علاقاتها الدبلوماسية لشرح موقفها ورؤيتها لسوريا الجديدة، وعلى مناصري الإدارة والديمقراطيين في الخارج القيام بالفعاليات والتظاهرات والتنديد بالانتهاكات والحثّ على التحوّل الديمقراطي في سوريا.
القيادة والحكومة الجديدة في سوريا
بعد انهيار نظام الأسد بمشاركة قوى مختلفة وعلى يد (هتش) والمعارضة المسلّحة الأخرى، تواجه سوريا تحدّيات جسيمة على كافة المستويات، وعلى الرغم من الفوضى والدمار الذي يطغى على المرحلة الحالية إلّا أنّ السؤال الذي يلحّ بشدة هو: مَن سيحكم سوريا وكيف سيحكمها؟ وكيف سيكون شكل النظام الجديد؟ إنّ كيفية تشكيل الحكومة المؤقّتة لتصريف الأعمال والمكلّف بها المهندس محمد البشير – رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب – ستظهر نظرتها المستقبلية إذا ما كانت ستقبل بالإدارة الذاتية كإدارة شبه مستقلّة أم أنّها ستعمل على العودة إلى النظام المركزي كالسابق؟ لكن ظهور عَلَم الهيئة إلى جانب علم الثورة أثناء حديث البشير عن التكليف؛ ويبدو أنّ حكومته – بنفس وزراء حكومة إدلب – سيطغى عليها الطابع الإسلامي، وستكون الحكومة الجديدة مختلطة مع حكومة محمد الجلالي القديمة. في النتيجة غير النهائية: هل سيتم تسليم الوزرات في سوريا الجديدة إلى نفس الوزراء في حكومة الإنقاذ بنفس الطريقة التي تمّ من خلالها تكليف وتسليم رئاسة الوزارة والحكومة إلى محمد البشير؟ وهل سيسلّمون بعضها إلى مسؤولين في الحكومة المؤقّتة للائتلاف أم سنرى وجوهاً جديدة من كافة الأطياف؟ وهل سيتمّ العمل على المصالحة الوطنية والاعتراف بحقوق الكرد في الإدارة الذاتية وباقي المكوّنات؟ وهل سيتمّ العمل على العدالة الانتقالية بحيث يُنصَف الجميع وتُدَار سوريا من خلال دولة مدنية لا مركزية؟
هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة عند الانتهاء من التشكيل الكامل للحكومة المقبِلة التي ستسير وتصرّف الأعمال في المرحلة الانتقالية حتى 1/آذار/2025
في الختام
معظم القوى الإقليمية والدولية تنتظر وتراقب الأوضاع وممارسات وسلوك القيادة الجديدة في سوريا، وبعدها ستُبدي تلك القوى والدول مواقفها؛ فهذه القوة الرئيسية المهيمنة (هتش) لديها تاريخ مرتبط بالقاعدة وداعش، وهناك تخوّف من تطبيق أجندتها على الحكم، وحتى إسرائيل تتخوّف من استخدام القيادة الجديدة لأسلحة النظام السابق ضدّها؛ لذا فقد قامت مساء الأحد 9/12 بتدمير معظم الترسانة العسكرية في كافة أنحاء سوريا.
وقد كتب السيد رياض درار “عضو مجلس سوريا الديمقراطية” على صفحته الشخصية على فيسبوك: “إذا انتكست هذه الثورة وجاءت بنظام شمولي فعلى سوريا السلام”.
إنّ فرحة السوريين بسقوط نظام بشار الأسد يجب أن تستمرّ وينتهي القصف والقتل والدمار، وتنتهي المعاناة التي عاشها السوريون لسنوات طوال، ويجب ألَّا يرى السوريون استبداداً جديداً من مكوّن وذهنية واحدة، وهنا نضمّ أملنا إلى أمل سفير أمريكا الأسبق بسوريا (ريان كروكر) في مقابلة مع CNN يوم الأربعاء11/12 حيث قال:” نأمل أن تكون هذه بداية جيّدة، وأن يكون حكم سوريا ليس كحكم إدلب”. فسوريا الجديدة ستكون قوية وستنهض من خلال مشاركة كافة أطيافها في بناء مستقبلها.